بعد أن تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اهتم ابن عباس رضي الله عنه بسؤال الصحابة عن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكلما علم أن رجلا يعرف حديثًا للرسول صلى الله عليه وسلم ذهب إليه ، فإذا وجده نائمًا وقت الظهيرة جلس على بابه ، وانتظره حتى يستيقظ، فتكسوه ريح الصحراء بالتراب .. وعندما يخرج الصحابي إلى ابن عباس ، يقول له :- يابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما جاء بك ؟ هلا أرسلتَ إلي فآتيك .. فيقول :- لا ، أنا أحق أن آتيك، فأسألك عن الحديث . رواه الحالكم
للعلم منزلة عظيمة في الإسلام ، فأول آية نزلت في القرآن الكريم كانت دعوة إلى التعلم :- { اقرأ باسم ربك الذي خلق } سورة العلق: 1.. وأقسم الله تعالى بأداة الكتابة وهي القلم ، فقال:- {ن والقلم وما يسطرون } سورة القلم :1
وتؤكد السنة النبوية المشرَّفة مكانة العلم السامية ؛ لذلك جعلت السعي في طلب العلم موصلا إلى الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة ) رواه البخاري
وما يزال ثواب العلم يصل إلى صاحبه حتى بعد وفاته من غير انقطاع ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة :- إلا من صدقة جارية ، أو علمٍ ينتفع به ، أو ولدٍ صالح يدعو له ) رواه مسلم
والملائكة تحفُّ طالب العلم بأجنحتها ، قال صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه :- أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئ على بُرْدٍ له أحمر ، فقلت له :- إني جئتُ أطلب العلم، فقال صلى الله عليه وسلم :- مرحبًا بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها ) رواه أحمد .
ولطلب العلم آدابٌ ينبغي على المتعلم أن يراعيها، وهي :-
الإخلاص :- على المتعلم أن يُخلص النية لله في طلب العلم ، ولا يتعلم بقصد حب الظهور والسيطرة، ومماراة السفهاء ، قال صلى الله عليه وسلم : - ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أول من تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة :- ( رجل تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه ( الله ) نعمه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته، وقرأتُ فيك القرآن. قال الله له: كذبت، ولكنك تعلَّمتَ ليقال: عالم. وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ. فقد قيل. ثم أمر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلْقي في النار ) رواه مسلم
طلب العلم النافع :- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه :- ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، ودعاء لا يسمع ) رواه أحمد .
التفرغ والمداومة على طلب العلم :- فقد قيل :- العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كُلَّك .. وكان السلف يقدِّرون العلم ويتفرغون له .. وطالب العلم يداوم عليه ؛ لأن العلم كثير والعمر قصير .. وقد قيل :- اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ( الموت ).
تطهير النفس من الأخلاق السيئة :- العلم النافع نور من الله يقذفه في قلوب عباده الأتقياء ، ولا يقذفه في قلوب أصحاب الطباع السيئة والأخلاق الفاسدة ؛ لذا ينبغي على المسلم الذي يطلب العلم أن يبتعد عن الحسد والرياء والعُجب وسائر الأخلاق الذميمة .
طلب العلم في الصغر :- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- ( أيما ناشئ نشأ في طلب العلم والعبادة حتى يكبر أعطاه الله تعالى يوم القيامة ثواب اثنين وسبعين صدِّيقًا ) رواه الطبراني .. وقيل :- طلب العلم في الصغر كالنقش على الحجر .. ولا يستحيي الكبير من طلب العلم ..
الحفظ مع الفهم والتدبر :- يقول صلى الله عليه وسلم :- ( نضَّر الله امرءًا سمع منَّا حديثًا فحفظه حتى يبلِّغه غيره، فربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه ) رواه الترمذي
التدوين :- قيل :- قيدوا العلم بالكتابة .. وقيل :- العلم صيد والكتابة قيد ، فيجب أن نقيِّد العلم لئلا ننساه، وأن نتخير ما نكتب .. وقيل :- يجلس إلى العالم ثلاثة :- رجل يأخذ كل ما سمع ، ورجل لا يكتب ويسمع ، ورجل ينتقي ؛ وهو خيرهم.
المذاكرة والمراجعة :- قال معاذ بن جبل رضي الله عنه :- تعلموا العلم ، فإن تعلُّمه لله خشية وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة.
تنظيم ساعات التعلم :- المسلم دائمًا منظم في كل شئونه، يحرص على تنظيم وقته ، فيبذله في تحصيل العلوم والمعارف .
العمل بالعلم :- فقد ذم الله- سبحانه- أناسًا لا يعملون بعلمهم ، وشبههم بالحمير التي تحمل الكتب ، ولا تفهم ما فيها .. قال تعالى :-{ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا } سورة الجمعة: 5 .. فالمسلم يعلم يقينًا أنه مسئول عما قدم في حياته ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( لا تزولُ قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه ) رواه الترمذي
احترام المعلم :- المعلم له فضل كبير على تلامذته ، قال أحمد شوقي :-
قُـمْ للمُعَلـِّـم وَفِّــه التَّبْجِيـــــلا *** كَــادَ المعَلـِّــمُ أَنْ يكُــونَ رَسُــولا
أَرَأَيـتَ أَفضَــلَ أَوْ أَجَلَّ مـِـنَ الـذَّي *** يبنـي وينْشِـئُ أنفُسًــا وعُقـُــــولا
الإنصات :- قال الحسن بن علي لابنه :- يا بني ، إذا جالستَ العلماء ، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلَّم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت .. ويجب أن يكون السؤال بقصد الفهم والإدراك ، لا بقصد الجدل أو التعجيز .
التأدب في مجلس العلم :- المسلم يجلس إلى معلمه في أدب ووقار ، ولا يكثر من التلفُّت والإشارة والضحك ، و يراعي حسن المظهر والنظافة ، وعدم التحدث أو السؤال إلا بعد الاستئذان ، وعدم تحقير الزملاء أو السخرية منهم ، بل يعلم أنهم إخوته في العلم ؛ فيرحمهم ويحترمهم .
ومن الأسباب التي تساعد على تحصيل العلم والمذاكرة :- أن يكون مكان التعلم والمذاكرة وافر الإضاءة ، هادئًا خاليا من الضوضاء ، ويجب تجنب المذاكرة في الفراش ؛ لأن ذلك يجلب النعاس ، ويجب ترتيب الكتب وتنظيمها ، وإعطاء النفس حقها من الراحة ، ويجب تخير الوقت المناسب للمذاكرة ، وتوزيع وقت المذاكرة على جميع العلوم .
السبت فبراير 27, 2010 3:59 am من طرف Admin
» ميزو خالد ميزو خالد
الخميس فبراير 25, 2010 4:58 pm من طرف Admin
» ماذا قدم الرسول للبشرية ؟ - عمر عبد الكافي...
الخميس فبراير 25, 2010 4:13 pm من طرف Admin
» أحمد الهاجري - أدعوك _جديد
الأحد فبراير 21, 2010 5:48 pm من طرف Admin
» أن تدخلني ربي الجنة هذا اقصى ما اتمنى
الأحد فبراير 21, 2010 5:45 pm من طرف Admin
» مدرسة لين
الجمعة فبراير 19, 2010 2:34 pm من طرف Admin
» لا تنسى ذكر الله
الجمعة فبراير 19, 2010 2:29 pm من طرف Admin
» قصة عيسى عليه السلام
الأربعاء فبراير 10, 2010 4:24 pm من طرف Admin
» قصة نبي الله يونس عليه السلام
الأربعاء فبراير 10, 2010 4:18 pm من طرف Admin