الوسيلة الأول: الابتسامة :
قالوا: هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تملك به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة، ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) كما في
الترمذي، وقال عبد الله ابن الحارث: ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_).
الوسيلة الثانية : البدء بالسلام :
سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشد الكف على الكف، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام، قال عمر الندي: (خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه)، وقال الحسن البصري: (المصافحة تزيد في المودة) والنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول : "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ". وفي الموطأ أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال : (تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ) قال ابن عبد البر: هذا يتصل من وجوه حسان كلها.
الوسيلة الثالثة : الهدية :
ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها، قال إبراهيم الزهري: (خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته ففعلت، فقال لي تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت: لا. قال: بلى رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير) انتهى كلامه.
انظروا أثّر فيه السلام الجميل فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافئه على ذلك.
الوسيلة الرابعة : الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع :
وإياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وإياك وتسيد المجالس وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة (فالكلمة الطيبة صدقة) كما في الصحيحين، ولها
تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها حتى مع الأعداء فضلاً عن إخوانك وبني دينك، فهذه عائشة _رضي الله عنها_ قالت لليهود: (وعليكم السام واللعنة) فقال لها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : "مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله" متفق عليه، وعن أنس _رضي الله عنه_ قال، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : "عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما" أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما.
قد يخزنُ الورعُ التقي لسانه …… حذر الكلام وإنه لمفوه
الوسيلة الخامس: حسن الاستماع وأدب الإنصات :
وعدم مقاطعة المتحدث فقد كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوا به بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة، واسمع لهذا الخلق العجيب عن عطاء
قال : ( إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد).
الوسيلة السادسة : حسن السمت والمظهر:
وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة، فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول : "إن الله جميل يحب الجمال" كما في مسلم. وعمر ابن الخطاب يقول "إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح"، وقال عبد الله ابن أحمد بن حنبل: (إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل).
الوسيلة السابعة : بذل المعروف وقضاء الحوائج :
سهم تملك به القلوب وله تأثير عجيب صوره الشاعر بقوله:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بل تملك به محبة الله _عز وجل_ كما قال _صلى الله عليه وسلم_ : " أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس"، والله _عز وجل_ يقول: "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}".
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى …….. مملوك لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا ……… على الكبد الحرى لكل صديق
عجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه.
الوسيلة الثامنه : بذل المال :
فإن لكل قلب مفتاح، والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان، والرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول :
" إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبه الله في النار" كما في البخاري.
صفوان ابن أمية فر يوم فتح مكة خوفا من المسلمين بعد أن استنفذ كل جهوده في الصد عن الإسلام والكيد والتآمر لقتل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، فيعطيه الرسول _صلى الله عليه وسلم_ الأمان ويرجع إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ ويطلب منه أن يمهله شهرين للدخول في الإسلام، فقال له رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بل لك تسير أربعة أشهر، وخرج مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إلى حنين والطائف كافراً، وبعد حصار الطائف وبينما رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ينظر في الغنائم يرى صفوان يطيل النظر إلى وادٍ قد امتلأ نعماً وشاء ورعاء.
فجعل _عليه الصلاة والسلام_ يرمقه ثم قال له: يعجبك هذا يا أبا وهب؟
قال نعم، قال له النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو لك وما فيه.
فقال صفوان عندها :
ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
لقد استطاع الحبيب _صلى الله عليه وسلم_ بهذه اللمسات
وبهذا التعامل العجيب أن يصل لهذا القلب بعد أن عرف مفتاحه.
فلماذا هذا الشح والبخل؟ ولماذا هذا الإمساك العجيب عند البعض من الناس؟ حتى كأنه يرى
الفقر بين عينيه كلما هم بالجود والكرم والإنفاق.
الوسيلة التاسعة : إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم :
فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول
إلى القلوب منه، فأحسن الظن بمن حولك وإياك وسوء الظن بهم وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب، واسمع لقول
المتنبي:
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه …… وصدق ما يعتاده من توهم
عود نفسك على الاعتذار لإخوانك جهدك فقد قال ابن المبارك: ( المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم ).
الوسيلة العاشرة : أعلن المحبة والمودة للآخرين :
فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره
بذلك فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس ولذلك قال _صلى الله عليه وسلم_: " إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه " كما في صحيح الجامع، وزاد في
رواية مرسلة ( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة)، لكن بشرط أن تكون المحبة لله، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال، والشهرة والوسامة والجمال،
فكل أخوة لغير الله هباء، وهي يوم القيامة عداء (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).
والمرء مع من أحب كما قال صلى الله عليه وسلم - يعني
يوم القيامة -، إذا فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرقِ للتأثير على القلوب. فإما مجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر
والاختلاف، لذلك حرص _صلى الله عليه وسلم_ على تكوين مجتمع متحاب فآخى بين المهاجرين والأنصار، حتى عرف أن فلانا صاحب فلان، وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين
في قبر واحد بعد استشهادهما في إحدى الغزوات.، بل أكد صلى الله عليه وسلم على وسائل نشر هذه المحبة ومن ذلك قوله _صلوات الله وسلامه عليه_: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" كما في مسلم.
وللأسف، فالمشاعر والعواطف
والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض ، فهناك من يتعامل مع إخوانه بأسلوب جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف، وهناك من يتعامل معهم بأسلوب عاطفي حساس رقيق
ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب والتعلق بالأشخاص. والموازنة بين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنه فضل الله
يؤتيه من يشاء.
الوسيلة الحادي عشر: المداراة :
فهل تحسن فن المداراة؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة؟ روى البخاري في صحيحه من
حديث عائشة _رضي الله تعالى عنها_ ( أن رجلا استأذن على النبي _صلى الله عليه وسلم_، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، فلما جلس تطلق النبي _صلى الله عليه وسلم_ في
وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت له عائشة: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت: كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحشه) قال ابن حجر في الفتح (وهذا الحديث أصل في
المداراة) ونقل قول القرطبي: ( والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة
ترك الدين لصلاح الدنيا ).
إذن فالمداراة لين الكلام والبشاشة لمن يخشى أذاه , أولاً اتقاء لفحشهم، وثانيا لعل في مداراتهم كسباً لهدايتهم بشرط عدم المجاملة في الدين، وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت من المداراة إلى المداهنة فهل تحسن فن المداراة بعد ذلك؟ كالتلطف والاعتذار والبشاشة والثناء على الرجل بما هو فيه لمصلحة شرعية، وقد روي عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: " مداراة الناس صدقة" أخرجه الطبراني وابن السني، وقال ابن بطال: " المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألف
واخيرا جزاكم الله خيرا ونسالكم الدعاء
السبت فبراير 27, 2010 3:59 am من طرف Admin
» ميزو خالد ميزو خالد
الخميس فبراير 25, 2010 4:58 pm من طرف Admin
» ماذا قدم الرسول للبشرية ؟ - عمر عبد الكافي...
الخميس فبراير 25, 2010 4:13 pm من طرف Admin
» أحمد الهاجري - أدعوك _جديد
الأحد فبراير 21, 2010 5:48 pm من طرف Admin
» أن تدخلني ربي الجنة هذا اقصى ما اتمنى
الأحد فبراير 21, 2010 5:45 pm من طرف Admin
» مدرسة لين
الجمعة فبراير 19, 2010 2:34 pm من طرف Admin
» لا تنسى ذكر الله
الجمعة فبراير 19, 2010 2:29 pm من طرف Admin
» قصة عيسى عليه السلام
الأربعاء فبراير 10, 2010 4:24 pm من طرف Admin
» قصة نبي الله يونس عليه السلام
الأربعاء فبراير 10, 2010 4:18 pm من طرف Admin